دعوة الى اعادة التفكير في كل شيء

الأحد، 2 أغسطس 2015

أٌكذوبة هدم اتاتورك للخلافة الإسلامية



تولّى محمد السادس العرش والدولة في احتضار، ولكنها كانت ما تزال متماسكة، وأصبح الاتحاديون هم الحكام الفعليين للبلاد، أما السلطان فكان مجرّد ألعوبة في أيديهم، وفي ذلك الوقت كانت الدولة قد أضاعت كثيرًا من بلادها في أوروبا، والأفكار القومية تنتشر يومًا بعد يوم، والبلاد في حالة إفلاس بسبب الحروب المتواصلة، والأوروبيون قد تسلطوا على مالية الدولة لاستيفاء ما لهم عليها من ديون. وفي نفس السنة لاعتلاء محمد رشاد العرش، سيطرت الإمبراطورية النمساوية المجرية على البوسنة والهرسك، وبعد ثلاث سنوات هاجمت إيطاليا ليبيا، آخر الممتلكات العثمانية الفعلية في شمال أفريقيا، فقاومها العثمانيون بكل طاقتهم، لكنهم لم يستطيعوا شيئًا، فسقطت البلاد بعد سنة من المعارك الشديدة .

ثم جاءت حرب البلقان الأولى التي تولّى كبرها كل من مملكة صربيا ومملكة الجبل الأسود ومملكة اليونان ومملكة بلغاريا، وفقدت فيها الدولة العثمانية ما تبقى لها من ممتلكات في البلقان عدا تراقيا الشرقية ومدينة أدرنة، وانسحب حوالي 400,000 مسلم من سكّان تلك البلاد إلى تركيا خوفًا من ما قد تُقدم عليه جنود العدو.

وفي تلك الفترة ظهرت النزعة التركية الطورانية بقوة وعنف، وسعى حزب الاتحاد والترقي إلى تتريك الشعوب غير التركية المشتركة مع الأتراك في العيش تحت ظل الدولة العثمانية، مثل العرب والشركس والأكراد والأرمن. وفي سنة1913م عقد الوطنيون العرب مؤتمرًا في باريس، واتخذوا مقررات أكدوا فيها على رغبة العرب في الاحتفاظ بوحدة الدولة العثمانية بشرط أن تعترف الحكومة بحقوقهم، كون العرب أكبر الشركاء في الدولة، وطالب هؤلاء أن تُحكم الأراضي العربية حكمًا ذاتيًا وفق نظام اللامركزية، وقد وعد الاتحاديون الزعماء العرب الأحرار بقبول مطالبهم، لكن ذلك لم يتحقق بفعل نشوب الحرب العالمية الأولى.

كان عام1908  نقطة تحول جوهرية في عهد عبد الحميد وفي تاريخ الدولة العثمانية. وعرف عن هذا السلطان سعيه لترسيخ نظام الخلافة الإسلامية وأطلق شعار "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وكان عهده من أكثر أوقات الدولة العثمانية صعوبة.

حيث بدأ مناوئو السلطان عبد الحميد إظهار اعتراضاتهم على أسلوب حكمه، لكن تلك الاعتراضات لم تصل حد الغليان إلا عام 1326هـ، حيث قام تمرد نظمته تنظيمات ليبرالية مثل تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي، وشهد ذلك العام فقدان الدولة العثمانية أولى أراضيها للقوى الأوروبية. في المقابل ثارت قوى إسلامية تأييدا للسلطان، ورفضا للأفكار التي أتى بها أعضاء التنظيمات الليبرالية بعد إقامتهم في أوروبا. وكان الكثير من أعضاء تركيا الفتاة وغيرها من التنظيمات الليبرالية ضباطا في الجيش، ومن الذين تلقوا تعليما عسكريا، ولكن طموحاتهم السياسية، أدت إلى تمرد عسكري انضم إلى التنظيمات الموالية للسلطان من أمثال الاتحاد المحمدي.

امتد نفوذ الاتحاد والترقي في الدولة، فضم إليه الكثير من ضباط الفيلق الأول المسيطر على الآستانة، وكذلك الفيلقين الثاني والثالث المرابطين في الولايات العثمانية الباقية في أوروبا. وقد حاول السلطان عبد الحميد مقاومة هذه الجمعيات، فنادى وتمسّك بفكرة الجامعة الإسلامية، لكنه فشل أمامهم، وخرجت الأمور عن نطاق سيطرة السلطان عبد الحميد، وكانت الضربة القاصمة للحكم العثماني قيام قوات متمردة بقيادة الجنرال محمد شوكت باشا بدخول إسطنبول وقمع التمرد العسكري وترجيح كفة القوى المناوئة للسلطان، وهو ما يعرف تاريخيا بأحداث 31 مارس 1909.

الحرب العالمية الأولى (1914–1918)

انطلقت شرارة الحرب الأولى في 28 يونيو عام 1914م عندما كان الأرشيدوق فرانز فرديناند، وليّ عهد العرش النمساوي المجري يقود سيارته في مدينة سراييڤو في البوسنة الخاضعة للنمسا، فاغتاله أحد القوميين الصرب، فاعتبرت الإمبراطورية النمساوية المجرية صربيا مسؤولة عن هذا الاغتيال، فتدخلت روسيا لدعم صربيا مدعومة من فرنسا وتحركت ألمانيا ضدهما.
وما لبثت أن دخلت بريطانيا الحرب بعد ذلك بفترة قليلة، ومن ثم تشكلت الأحلاف، فدخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب معسكر دول المحور، أي ألمانيا والنمسا وبلغاريا.
بعد أن فقد العثمانيون الأمل في محاولات التقارب مع بريطانيا وفرنسا، وفشلوا في الحصول على قروض عاجلة منهما لدعم الخزينة، وعُزلت الدولة سياسيًا بعد حروب البلقان وإيطاليا؛ فلم يكن لهم سوى خيار التقارب مع ألمانيا التي رأت مصلحتها في "الانتشار نحو الشرق". وفي 10 أغسطس سنة 1914م.

دخلت الدولة العثمانية الحرب بشكل فعليّ، بعد أن سمحت لبارجتين ألمانيتين كانتا تطوفان البحر المتوسط، بعبور مضيق الدردنيل نحو البحر الأسود هربًا من مطاردة السفن البريطانية. وخطا الباب العالي خطوة هامة باتجاه الاشتراك بالحرب، حيث أعلن الصدر الأعظم إلغاء الامتيارات الأجنبية، ملبيًا بذلك إحدى المطالب الرئيسية للقوميين الأتراك، ثم اتخذ خطوة أخرى في طريق التحدي بإغلاقه المضائق بوجه الملاحة التجارية، كما ألغى مكاتب البريد الأجنبية وجميع السلطات القضائية غير العثمانية.

بعثت الانتصارات الألمانية الخاطفة على الجبهة الروسية الأمل في نفوسالاتحاديين، بشأن إمكانية استعادة الأراضي العثمانية المفقودة لصالح روسيا المهزومة، فهاجم الأسطول العثماني الموانئ الروسية في البحر الأسود، وقد شكّل ذلك أمرًا واقعًا زج بالدولة العثمانية في الحرب، فأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، واقتدت بها كل من بريطانيا وفرنسا، وردّ السلطان محمد الخامس بإعلان الحرب، ودعا المسلمين إلى الجهاد، إلا أن ذلك لم يتحقق، فأغلب مسلمي العالم كانوا يزرحون تحت نير الاستعمار البريطاني أو الفرنسي. وكانت السلطات الاستعمارية قد جندت بعضًا منهم أيضًا في جيوشها.

خاضت الجيوش العثمانية الحرب على جبهات متعددة من دون استعداد كامل، فعلى الجبهة الروسية مُنيت الحملة العثمانية بهزيمة فادحة، حيث فتك القتال والصقيع والوباء بتسعين ألف جندي عثماني، وفي الجنوب نزل البريطانيون في الفاو على الخليج العربي واستولوا على العراق.
أما عملية قناة السويس فجرت قبل الموعد المحدد، وفيها اتفق العثمانيون مع المصريين على قتال البريطانيين، لكنها أسفرت عن هزيمة العثمانيين وأودت بحياة الكثيرين دون طائل.

وقام أسطول الحلفاء بمهاجمة مضيق الدردنيل في خطوة للاستيلاء على الآستانة وإخراج الدولة العثمانية من الحرب، وإمداد الجبهة الروسية، لكن هذا الأسطول الضخم عجز عن اجتياز المضيق وهزم العثمانيون طاقمه هزيمة كبيرة في معركة بريّة، كانت النجاح الوحيد لهم في مقابل سلسلة من الإخفاقات، وبرز في هذه المعركة القائد مصطفى كمال.

وأثيرت أثناء المعارك، التي اندلعت على الجبهة الشرقية وهجوم الحلفاء في الدردنيل وغاليبولي، قضية الأرمن مرة أخرى، إذ قام الاتحاديون بنقل سكان المناطق الأرمنية في ولايات الشرق وكيليكيا والأناضول الغربية إلى بلاد الشام، بهدف تأمين حياة السكان المدنيين وحماية القوات المسلحة من خيانة محتملة من جانب العناصر الموالية لروسيا.

وكان بعض الأرمن قد تطوعوا في الجيش الروسي، وقتلوا عددًا من السكان المسلمين في الأناضول الشرقية، ونتيجة لذلك تعرّض المرحلون لعمليات تعذيب وقتل فيما أصبح يُعرف باسم "مذابح الأرمن".

بعد فشل الحملة العثمانية على مصر، جرت اتصالات سريّة بين البريطانيين في مصر وشريف مكة حسين بن علي الهاشمي، وبعض الزعماء العرب، وتمّ الاتفاق بين الفريقين على أن يثور العرب على الأتراك وينضموا إلى الحلفاء مقابل وعد من هؤلاء بمنح العرب الاستقلال وإعادة الخلافة إليهم. وتنفيذًا لهذا الاتفاق أعلن شريف مكة حسين في يونيو سنة 1916م الثورة العربية على الأتراك، فأخرجهم من الحجاز وأرسل قوّاته شمالاً بقيادة ولديه فيصل وعبد الله لتشارك القوات البريطانية في السيطرة على بلاد الشام.

في غضون ذلك سُحقت المقاومة البلغارية في البلقان، مما أرغم حكومة صوفيا على طلب الهدنة، فأدرك الباب العالي خطورة الموقف، لأن الحرب أضحت قريبة من الأراضي التركية، ويمكن للعدو أن يتغلغل بحريّة في تراقيا الشرقية ويزحف حتى أبواب الآستانة، فأبرم العثمانيون معاهدة مودروس مع الحلفاء، خرجوا بموجبها من الحرب.

توفي السلطان محمد الخامس قبل أشهر من انتهاء الحرب، وخلفه أخاه محمد "وحيد الدين" السادس. وبعد مرور شهر على توقيع هدنة مودروس، دخلت البحرية البريطانية والفرنسية والإيطالية  ثم الأمريكية إلى القرن الذهبي، وأنزلت قواتها في الآستانة التي حوّلتها إلى قاعدة لنشاط الحلفاء في المنطقة كلها. سيطر الحلفاء على موانئ البحر الأسود كلها، واقتسموا الأراضي التركية، فاحتل الفرنسيون مرسين وأضنة، والإيطاليون أنطاكية وكوشا داسي وقونية، واحتل اليونانيون القسم الغربي من الأناضول، بالإضافة إلى تراقيا.

ونظرة سريعة على ما آلت اليه الاحداث نجد ان تركيا الان في وضع لا تحسد عليه حيث انها لم تخسر فقط اغلب مناطق نفوذها ولكن وصل الامر الى ان بحرية دول التحالف دخلت منطقة القرن الذهبي واحتلت الاستانة وتم السيطرة على موانيء البحر الاسود بالكامل وتم تقسيم الاراضي التركية بين دول التحالف بينما احتلت اليونان الجزء الغربي !!

وهنا يأتي التساؤل .. اين دولة الخلافة الان !! بل اين تركيا نفسها !!
وننتقل الان الى السؤال الاهم .. اين مصطفي كمال اتاتورك .. وكيف قام بإسقاط الخلافة !!

نجيب على هذا التساؤل هنا:

مصطفى كمال اتاتورك هو قائد الحركة التركية الوطنية في أعقاب الحرب العالمية الأولى ،وأوقع الهزيمة على اليونانيين في الحرب التركية اليونانية عام 1922 ،وبعد انسحاب قوات الحلفاء من الأراضي التركية جعل عاصمته مدينة أنقرة ،وأسس جمهورية تركيا الحديثة.

دوره اثناء الحرب العالمية الاولى:

في الثامن والعشرين من يوليو عا م1914 بدءت الحرب العالمية الاولى ودخلت الدولة العثمانية في حرب منذ التاسع والعشرين منذ أكتوبر 1914 .

وفى العشرين من يناير عام 1915 عُين مصطفى كمال قائد للفرقة 19 التي كانت ستؤسس في منطقة تك فور داغ بقيادة الفيلق الثالث .
ظلت الفرقة 19 فرقة احتياطية في منطقة "اجا آبط " بقرار من قيادتها وذلك في الثالت والعشرين من مارس عام 1915. في الخامس والعشرين من ابريل عام 1915 اندلعت حرب تشاناك قالا بسبب التصريحات التي اعلنها ائتلاف الدول تجاه جلى بولو ياردم ادا وبناء على هذا النجاح نال تقدير المشير اوتوليمان فون سان درس قائد الجيش الخامس.
و حصل على رتبة اميرالاى في الحادي من يونيه عام 1915. عقب الهجوم الذي شنه الانجليز على مدينة "سوفلا كورفاز" في شهر اغسطس، قام "اوتوليمان " بتسليم قائدهم في مساء الثامن من الشهر نفسه ذلك القائد المحتل لمنطقة "آنافارتالار".وفى التاسع والعاشر من اغسطس احرز نصراً لهذه المنطقة .وعقب ذلك النصر توالت انتصارات آخرى ؛ حيث الانتصار في موقعة "كريتش تابا" في السابع عشر من اغسطس، و الانتصار في معركة "آنافارتالار" في الحادي والعشرين من الشهر نفسه .

صورت صحافة استانبول للعامة أن كلاً من الميرالاى مصطفى كمال بى و روشن اشرف بى هما بطلا معركة" آنافارتالار".في الرابع عشر من يناير عام 1916 عُين قائد الفيلق السادس عشر ، ذلك الفيلق الذي اُرسل من "جلى بولو" إلى "ادرنا".
وخلال الشهرين الذان قبعا فيهما في "ادرنا" عمل على تمويل الفيلق واسترداد قواه وتدريبه .وفى السادس عشر من فبراير قامت القوات العسكرية الروسية الموجودة على الجبهة الشرقية بصد هجوم الجيش الثالث العثماني ، والاستيلاء على ارذروم.
اما في الثالث عشر من مارس احتلت مدن آخرى مثل "بليتس – موش- فان- هاككارى ".
في الخامس عشر من مارس اُرسل الفيلق الثالث إلى ديار بكر برئاسة العقيد مصطفى كمال لدعم الجيش الثالث.حمل مصطفى كمال على عاتقيه مسئولية كبرى نظراً لرتبته ،وأثناء تواجده في ديار بكر في الحادي من ابريل 1916 حصل على رتبة فريق كترقية ،ونال لقب باشا. اصدر مصطفى كمال امراً بالتراجع التكتيكى ( وفقاً لخطه تكتيكية ) .
وبهجوم مفاجىء حرر منطقة موش من احتلال القوات الروسية وحقق السيادة الاستراتيجية للقوات العسكرية العثمانية ؛ ولاحراز هذا النصر على جبهة كافكاس نال مصطفى كمال ميدالية السيف الذهبية .
وفى شهر اغسطس حرر منطققتى موش وبليتس من الاحتلال كاملاً ( بشكل تام ) . أثناء تواجد مصطفى كمال في ديار بكر، اصدرامراً بشن انقلاب ضد حكومة يعقوب جميل ، و كان هذا الأمر بمثابة القضاء على الحرب. 

فالطريق الوحيد للتحرر هو الضغط على حكومة بابى على وتغير وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية وذلك بإحداث انقلاب ضد الحكومة وجعل مصطفى كمال وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية في آن واحد .

واخبر أحدهم انور باشا بتلك المؤامرة،وبناءً على ذلك قُتل يعقوب جميل رمياً بالرصاص.

ويذكر مصطفى كمال في مذكراته التي سردها ل"فالح رفقى آتاى" رئيس إحدى الفرق العسكرية في ذللك الوقت : "شُنق يعقوب جميل ؛ والسبب أنه قال لاسبيل للتحرر طالما انى لست وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية ،ولهذا قمت بمعاقبته كأول عمل اقوم به عند ذهابى إلى استانبول. ليتنى رجل تبوء رئاسة السلطة من قبل هذا وأمثاله ،لكنى لم اكن هذا الرجل" .

وفى يونيو عام1918 ذهب إلى فينا وكارل سباد متلقياً العلاج هناك .اما في الثاني من اغسطس عاد إلى استانبول وذلك اثر وفاة السلطان محمد رشاد واعتلاء السلطان وحيد الدين محمد السادس العرش.

وفى الخامس عشر من الشهر نفسه اُرسل إلى الجبهة الفلسطينية بإعتباره قائد الجيش السابع وعقب ذلك صار المرافق العسكرى للسلطان .وفى العشرين من ديسمبر عام 1918 أعرب مصطفى كمال باشا عن رغبته في عقد هدنة ، موضحاً ذلك في تلغراف أرسله إلى ناجى بى المرافق العسكرى للسلطان السلطان وحيد الدين محمد السادس معلناً فيه أن جماعة جيوش يلدرملن تبقى الدرع الاساسى في الحرب بالإضافة إلى رغبته في أن يوكل نفسه في الحكومة الجديدة وزيراً للحربية و نائب للقائد الاعلى. وعقب ذلك في السادس من أكتوبر تخلى عن قيادة الجيش السابع. في التاسع عشر من ديسمبر شنت قوات الأحتلال البريطانية (الإنجليزية )بقيادة ادمُند آالِنبى هجوماً ؛ مما اثقل العبء على الجيش الثالث أحد جيوش جماعة يلدرم .

وفى الحادي من أكتوبر استولوا على الشام ، وفى الخامس والعشرين من الشهر نفسه احتلوا حلب أيضاً . ردع مصطفى كمال الجيوش البريطانية في حلب ونجح في انشاء خط دفاع . في الثلاثين من أكتوبر عام 1918 وقّع هدنة مندروس ، وفى ظهيرة اليوم التالى أقام مسيرة . وبتطبيق المادة التاسعة عشر من عقد صلح مندورس ،كُلف مصطفى كمال باشا برئاسة مجموعة جيوش يلدرم بعد أن نُزعت رئاستها من قائدها السابق اتوليمان فون ساندرس إلا أن في السابع من نوفمبر أُلغى الجيش السابع ومجموعة جيوش يلدرم. وفى العاشر من أكتوبر عام1918 انطلق من ادانا إلى استانبول تاركاً قيادة وحدات يلدرم العسكرية إلى نهاد باشا قائد الجيش الثاني، وفى الثالث عشر من نوفمبر وصل إلى محطة حيدر باشا القائمة في استانبول.وأثناء عبوره من حيدر باشا إلى استانبول رآى الاساطيل الحربية للعدو في المضيق ، فقال عبارته الشهيرة "سيعودون بخفى حنين" (سيعودون كما جاؤا). اصدر فتحى بى برفقة كلاً من احمد عزت باشا واحمد توفيق باشا جريدة المنبر ذات الرأى المعارض وذلك لمباشرة الأوضاع السياسية.

يهود الدونما:

قبل كل ذلك كان هناك ما يسمى يهود الدونمة او الدونما وقد وصلوا إلى مناصب عالية في دولة الخلافة، وكان هؤلاء يظهرون الإسلام ويبطنون اليهودية ومنهم (مدحت باشا)الصدر الأعظم وهو ابن حاخام مجري !! كما كان منهم جمهرة الصحفيين الذين كانوا يغطون تطور الأحداث بقلم مزيف الوقائع، ويظهر للناس أن عبدالحميد مستبد ظالم زيرنساء،وقد تابعهم للأسف كثير من المؤرخين المسلمين. (صيد الفوائد شبكة فجر)

ونذكر منها على سبيل المثال جماعة يهود الدونمة الذين التجئوا للبلاد العثمانية بعد الاضطهاد في الأندلس ونظموا أنفسهم محتفظين بعقائدهم متكيفين مع الوضع الجديد بإعلانهم الإسلام ظاهرياً ، فكانوا عوناً للصليبية على المسلمين وأداة تدمير في الأخلاق والدين وكانوا وراء حركات التمرد والثورات المسلحة ضد الدولة حتى انتهى بهم المطاف إلى قلب نظام الحكم في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وفرض أحكام الكفر والابتعاد بالدولة شيئاً عن جادة الإسلام الصحيح .

** يقال ان  حزب الاتحاد والترقي الذي شمل بعض اليهود في عضويته ورط البلاد في حروب ونزاعات وأرغم قادته المسيطرون عليه الدولة على الانخراط في الحرب العالمية الأولى.

لورانس العرب

في هذه الاثناء ايضا كان هناك من يدعي لورانس العرب هو ضابط بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916  ضد الإمبراطورية العثمانية عن طريق انخراطه في حياة العرب الثوار

اهم ما جاء في سيرة لورانس:

قام لورنس بتفقد قوات الشريف المتمركزة في منطقة الخيف بوادي الصفراء وقد اختبر كفاءة هذه القوات حتى يستطيع أخبار القيادة العامة في القاهرة. كان لورنس شديد الإعجاب بالشعور الوطني لدى النفوس المتمثل بالقومية العربية والبعيد كل البعد عن النزعات العقائدية ولا علاقة لها بالإسلام. وادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية قومية وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس. تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام.
احظ هنا كلمة (الثورة القومية) و (الثومية العربية) ومن اول من رددها بعده في مصر.
وسأكتفي بهذا القدر عن لورانس لان امره شرحه يطول.

**************

ملخص:

ما فات يمكن تلخيصه في الآتي:
الدولة العثمانية دخلت مرحلة الانهيار الفعلي عام 1908
قرار دخولها الحرب العالمية الاولى كان قرار خاطيء تماما
خسرت الدولة العثمانية اغلب نفوذها الخارجي خلال الحرب العالمية
تم احتلال تركيا نفسها وتقسيمها على الحلفاء وحتي اليونان احتلت الجزء الغربي

دور مصطفي كمال خلال كل ذلك:

قائد حربي من الطراز الاول امين ومحب لبلاده
كسب اغلب المعارك التي خاضها ضد الحلفاء
حصل على  ميدالية السيف الذهبية بعد دحرة للقوات الروسية
استطاع توحيد الاتراك تحت راية واحدة للوقوف في وجه المحتل
توصل الى اتفاقية بخروج كافة القوات من بلاده 
تحييد بلاده تماما بعيدا عن المنازعات الدولية التي كانت قائمة وقتها (مما جنب تركيا الدخول كطرف في الحرب العالمية الثانية)

والان يأتي التساؤل:
اين هي الدولة الان .. واين هي الخلافة .. بل اين هي تركيا نفسها الان !!

خلال بحثي في اشد المواقع الاسلامية تطرفا لم اجد من يستطع شن هجوما واضحا وصريحا على مصطفى كمال الا وهو بائسا يسوق الاعذار .. واذكر لكم نصا جزء من احد المقالات لمشاري بن سعد الشثري على موقع صيد الفوائد يقول فيه:
" يعد عام 1908 م / 1326 هـ عامًا حزينًا في ضمير كل مسلم غيور ؛لأنه عام تهدمت فيه حقيقة الخلافة الإسلامية المتمثلة بالخلافة العثمانية،نحن لا ننكر أن ثمة جهلاً وبدعًا وأخطاء وغباء في أواخر عهد هذه الخلافة ـ كما مرّ معنا في النقاط السابقة ـ التي أصبحوا يسمونها بالرجل المريض،ولكن هذا شيء وتغيير النظام الإسلامي وجلب النظام الغربي الوضعي شيء آخر"

بل ويذكر لنا نفس الكاتب اسباب عديدة لضعف الخلافة الاسلامية اذكر لكم منها سبب واحد يشعل الرأس شيبا .. انه قانون قتل الاخوة !!

العادة السيئة الأليمة وهي عادة قتل السلاطين لابنائهم وإخوانهم وهي المنافية للإنسانية وإن وجدت لها مبررات واهنة فقد أودت بأرواح الأطفال والأبرياء بلا ذنب ، سوى خوف المنازعة في الملك فيما بعد وحرمت الأمة من رجال قد يكون منهم أفذاذا وعباقرة ، فحل محلهم رجال احتلوا مناصب رفيعة في الدولة وفي قيادة الجيوش من بلاد أوروبا العثمانية تظاهر بعضهم الإسلام و أبطن الكفر وعاد بالدمار والهزيمة إلى البلاد.

تمثل هذا الإجراء العرفي الذي اختطفه بايزيد الأول،وتحول على يد محمد الفاتح إلى قانون ثابت،ومفاد هذا القانون الإجازة للسلطان المتولي للعرش أن يقدم على تصفية الأمراء المنافسين وذلك بالاتفاق مع هيئة العلماء… وهذه سياسة قوامها تغليب المصلحة السياسية العليا للدولة المتمثلة بحفظ وحدة كيانها السياسي في مواجهة ما يترتب على اعتماد مبدأ وراثة الملك من إختلالات تكوينية توفر المناخ المناسب لا تجاه تفكيك كيان الدولة عند انتقال السلطة من الأب إلى الأبناء.

وبعد قرن من الزمان جرى استبداله بقانون آخر قضى بالتخلي عن سياسة التصفية الجسدية والاكتفاء بسياسة سجن جميع الأمراء ـ عداء أبناء السلطان الحاكم ـ في مقاصير خاصة ومنعهم من كل اتصال بالعالم الخارجي.
ثم تعرض هذا القانون لتعديل..حيث أوجب قانون جديد:إلزامية انتقال العرش حين خلوه إلى أكبر الأحياء من الذكور من الأسرة العثمانية. لقد ترتب على تنفيذ هذا القانون وخلال قرن ونيف إلى اعتلاء الأخوة والأعمام وأولاد العم منصب السلطان وهم غالبتهم من سجناء الأقفاص،وبالتالي فقد تبوأ مركز السلطان أفراد يفتقدون أبسسط شروط هذا المركز.

ولذا فقد كان أفراد الأسرة السلطانية يعيشون في خوف مستمر ويتربص بعضهم بالبعض الآخر الدوائر ولا يبالون بأن يشقوا عصا الطاعة في وجه السلطان سواءً أكان أخاً أم أباً أم ابناً وذلك ليس حباً بالسيطرة فقط بل لإنقاذ أعناقهم أحياناً من الغدر .


نلاحظ ان جل ما يشغل الرجل بالرغم من اعترافه الكامل والواضح بسقوط الخلافة فعليا عام 1908 وكذلك ذكره لعوامل ضعف لم نكن نتصورها نجد انه فقط غاضب من اجل تغيير مسمى الدولة التركية وعدم العمل بمسمي الخلافة لتصبح تركيا جمهورية وهو كان يريدها رأسا لخلافه لم تعد موجودة من الاصل !!

هو يريد ان يحتفظ بعلامة مرسيدس على "توك توك" ولا يهمه ان مرسيدس لم يعد لها وجود !!


والاغرب انه حتى يومنا هذا تجد العالمين بهذا التاريخ جيدا يعرفون ان الخلافة بالفعل كانت قد سقطت من قبل وجود هذا الكمال ومع ذلك يحملونه ذنب تغيير اسم تركيا من دولة الخلافة الى الجمهورية التركية.

نعم قد نختلف مع الفكر الكمالي او توجهاته فيما بعد ولكن يجب ان نراعي ان هذا  شأن داخلي خاص به وبشعبه قد نختلف او نتفق معه ولكن هذا لن يغير شيئا في الوضع العالمي الجديد. الوضع الذي الذي تغير تماما بعد الحرب العالمية الاولى والثانية.

والان وبعد كل ذلك هل مازلت مقتنع ان مصطفى كمال هو من هدم الخلافة الاسلامية !!



انشر لتعم الفائد
Share:

الأربعاء، 29 يوليو 2015

خليك في حالك



هو انت فاكر ان مفهوم الحرية في الغرب هو المفهوم الضيق السطحي اللي في دامغك دا !

انت فاهم ان القصه كلها بتتمحور حوالين الاعضاء التناسلية اللي تفكيرك لا ينفك عن الدوران في فلكها !!


لا طبعا .. الامر اكبر من كدا بكتير جدا ... جدا .. ومع ذلك برضه بسيط جدا لكن عقلك اللي تم اعادة برمجته بطريقة عالية الحرفية لا يمكن ان يصل الى مكنون او معنى الحرية اللي برضه مش معناها الحرية السياسية او حرية اختيار مرشح او التصويت والكلام دا.

الموضوع ممكن نختصره في كلمتين نقارن بيهم بين الغرب والعرب وهما:


ان اجمل ما في الغرب ان كل واحد عايش في حالة .. واسوأ ما في العرب ان كل واحد عايش في حال اللي جنبه.

اللي جنبه دا ايا كان هو مين .. بنتكلم هنا بداية من الفرد ومرورا بالجماعات والفصائل وصولا الى الشعوب.

مهزلة التناحر العرقي والديني والشعوبي اللي بتعيشها الامة العربية سببها الوحيد هو عدم احترام الجميع للجميع .. وتدخل الجميع في شئون الجميع.

هذا الشيعي يتقرب الى الله بسب عائشة وهذا السني يتقرب الى الله بقتل الشيعي وهذا السلفي يكره الاخوان والشعب يكره الجميع.

الكويتي يسب المصري والمصري يسب الليبي والعراقي يكره السعودي والايراني يبول على الجميع.

في مجتمع تراه مترابطا بنسبة 90% في الدين واللغة تتفاجأ بكارثة تفكك واقتتال لا مثيل لها !!

وفي دول لا تربطهم اي علاقة لغوية ولا دينية مثل اوروبا تجدهم يعيشون في سلام آمنين .. لماذا .. انها الحرية .. حرية الاعتقاد والفكر (التي على الجميع احترامها لدى الجميع)

فلن تجد سويدي يسب فرنسي ولن تجد الماني يبصق على اسباني .. هذه النماذج لن تجدها الا في عاملنا العربي والذي لا اريد ان اقول الاسلامي بيد ان الاخيرة هي العامل المؤثر.

تغذية النعرات الطائفية والدينية والشعبية هو ما ادى الى كارثة هذه الامة التي ان شئت سميتها العربية او الاسلامية وذلك لان من الواضح ان الطبيعة العقلية للشعوب دي بتعتبر بيئة خصبة لزرع افكار زي دي .. والنتيجة رائعة وفوق المتوقعة كمان.

الكارثة الاكبر ان في ظل حالة الانفلات الشبه كامل اللي المنطقة فيها دلوقت ومع تاريخ حافل بالخلافات الدينية (الغريبة) وكذلك الطائفية (الاغرب) بنلاقي الامر بتطور لحروب .. حروب سقط في مستنقعها دول .. ودول اخرى بتستغل هذه النعرات للسيطرة على شعوبها من خطر بعض هذه الفصائل كما تدعي !

على المستوى الدولي الامر واضح ولا يحتاج الى بيان ولكن على المستوى الفردي فالامر اكثر خطورة واشد كارثية ويصل الى هو ليه دي مش محجبه وليه دي لابسه حجاب وليه دا لابس شورت وليه دا وقف جنب دي وليه دول ماشيين مع بعض !!

كم رهيب من التدخلات الغير مفهومة في حياة كل فرد من الاخر ما انزل الله بها من سلطان والنتيجه في الاخير مجتمع متخلف احمق يضيع اغلب وقته في نقد ما حولة وتشويهه ولا علاقة له بذاته ومحاولة تقويمها.

في الدول الغربية لو ركبت المترو هتلاقي جنبك واحدة لابسة شورت قصادها واحدة لابسه نقاب ادامهم راجل بيقرا وجنبهم شاب حاطط سماعات الموبايل في ودانه .. وهتلاقي نفسك الوحيد اللي عمال تتفحص فيهم !

ماتخليك في حالك !! خليك في حالك مش مجرد كلمة موجهة لفرد دي موجهة لأمه .. لكل الشعوب .. خليكم في حالكم.

دا الامر ببساطه وبدون تعقيد وبدون الدخول في تحليلات نفسية وعقدية لن نخرج منها بأي شيء .. بيت القصيد واللي لازم كلنا ونتعلمه ونفهمه وننشره هو ثقافة الـ "خليك في حالك" ودا المفهوم الحقيقي والمبسط للحرية.

اللي ممكن مع مرور الوقت يتطور ويبقي احترم اللي حواليك .. وساعتها بس ممكن يكون في امل اننا نبقي مجتمعات محترمه بتحترم بعضها ايا كانت ديانتها (اللي للأسف واحدة) وايا كانت لغتها (اللي برضه واحدة) وايا كانت جنسيتها (اللي تقريبا واحدة).
____________________________________________________

انشر لتعم الفائد
____________________________________________________
Share:

الأحد، 26 يوليو 2015

البروفيشناليتي



في حوار مع روز بطلة فيلم تيتانيك الحقيقية المذيعة سألتها: هو عمل معاكي حاجه بعد ما رسمك !
ردت روز بحزم: Noooo, He was a professional

بورفيشنال هنا واللي اغلبنا بيفهما غلط او بينقلها خارج سياقها مش معناها محترف او عبقري زي ما اغلبنا بيعتقد  .. بروفيشنال في الانجليزية وفي الحياة بصفة عامة ليها معاني تانيه خالص وكلنا محتاجينها.

هي تقصد ببساطه تقولها انا دخلت عنده كرسام وخرجت من عنده كرسام .. بمعني اوضح  هو لم ينساق خلف غرائزة الطبيعية ليقوم بفعل اخر بخلاف او الى جانب الرسم.

وبعيدا عن المثال دا اللي اخترته لمجرد التوضيح وكبداية للموضوع خليني اوضح معني واهمية البروفيشناليتي في كافة مناحي الحياة .. واهمها وعلى رأسها العلم.

في العلم مثلا والبحث العلمي تحديدا لازم تكون بروفيشنال .. طب هنا انت مطلوب منك تنحي ايه !!
مطلوب منك تنحي كل معتقادك سواء الشخصية او الفكرية او الدينية .. يعني وانت بتعمل بحثك (العلمي) مالكش دعوة بمعتقداتك الشخصية.

في العلم والعلوم لازم تكون بروفيشنال وابدلا لا تخلط معتقداتك بدراساتك وابحاثك والا هاتغلط غطلة عمرك زي الدكتور منصور الكيالي اللي ختم حياته بالخطأ كارثي بتاع ابواب السماء دا .. ودا ببساطه لانه خلط بين معتقداته الدينية وبحثه العلمي .. اللي كان نتيجته مقال كارثي لم يجد له جمهور الا من نفس العقلية دي واللي هاتكون نتيجته تنحية منصور شخصيا وأبحاثه من البحوث الموثقه علميا على Google Scholar.

البروفيشناليتي مش بس في العلم او العمل دي كمان المفرروض عليك تتبعها في تعاملاتك مع الناس المحيطين بيك واللي نقدر نسميها عدم التمييز .. مش عشان دا مسيحي مثلا اعمل معاه كذا وعشان دا مسلم اعمل معاه كذا كذا !!

لاحظ ان الصين اللي تقريبا مالهاش مله ومع ذلك ماعندهاش اي مانع انها تعملك (كمسلم) سجادة صلاة .. وتعمل للبوذي معبد بوذا (صغنن كدا) .. عادي لان الروفيشيناليتي هي سر نجاح الغرب عموما واحنا عندنا في دينا مصطلاحات موازية ليها زي الصدق والامانة والاتقان وغيره وغيره .. بس للاسف المصطلحات دي مايفهمهاش ولا بيعمل بيها الا فصيل واحد كلنا عارفينه .. لكن السواد الاعظم مالوش في المصطلحات دي ولا بيفهمها ولا بيحترمها .. انا بقي بوجه كلامي للناس دي لانها ماتفهمش غير لغة العصر.

انك تكون بروفيشنال في عملك وعلمك وتعاملاتك دا هايضمنلك نجاحات كبيرة اضافة الى انه هاسيب ليك سمعة طيبة جدا في المجتمع المحيط بيك.

وهاذكرلكم موقف شخصي حصل معايا في 2006 يوضح ان في اتجاه اخر لازم تكون بروفيشنال فيه.

كنت تركت العمل في شركة كبيرة جدا لان لقيت ان الـ IT اللي معايا بياخد 3500 وانا باخد 800 جنيه مع الفارق الضخم والرهيب في الامكانيات بيني وبينه.
بعد ما سيبت الشركة بإسبوع السيرفر انضرب بفايرس خطير وقف كل تعاملات الشركة مع فروعها على مستوى الجمهورية .. والشركة صاحبة السيستيم فرضت عليهم دفع 12 الف جنيه نظير تغيير الوندوز وانزال النظام من جديد .. وطبعا اخينا ابو 3500 ماجلوش الجرأة انه يتعامل مع السيرفر اصلا.
الشركة اتصلت بيا وقالولي على المشكلة بكل صدق .. روحت تاني يوم حليت المشكلة دون اسقاط الوندوز وتم استعادة العمل بنجاح خلال ساعتين :)

ساعتها وانا باخد اتعابي من المدير المالي (اللي كان عارفني كويس من سنتين) قالي كلمة مفهمتهاش غير بعد سنين .. قالي انت بروفيشنال :)
ابتسمت وهزيت دماغي لاني كنت فاكر ان معناها انت محترف او عبقري (المعنى الدارج) بس استغربت جدا لانه المفروض عارفني كويس وشاف مواقف كتير قبل الموقف دا اكثر صعوبه واتحلت .. اشمعني الموقف دا اللي قالي فيه انت بروفيشنال !!

فهمت كلمته بعد سنيييين .. الراجل كان يقصد اني نحيت كل ضغائني تجاه الشركة وروحت حليت المشكلة .. ثانيا لم اقم بإستغلال الوضع واطالب بأتعاب اكتر او حتى رجوعي .. وكمان مافتحتش بوقي ولا لسنت بكملة على الـ IT اللي عندهم.

هي دي البروفيشناليتي اللي بكلمكم عليها .. نحي كل حاجه في تعاملاتك مع الاخرين .. ضغائنك .. معتقداتك .. افكارك .. تعامل مع الجميع بدون اي تمييز لا على اساس الدين ولا النوع ولا الفكر ولا حتى الموقف السياسي .. الشغل شغل .. العلم علم .. التعامل تعامل.

لو هاتميز بين حد والتاني مش هاتنجح .. لو عقائدك هاتجرك شمال او يمين مش هاتكمل .. لو ميولك هاتتحكم فيك مش هتاقف على رجليك اصلا. نحي غرايزك دي اهم حاجه :)


وعشان كدا انا بوجه الرسالة دي للشباب الصغير المقبلين على الحياة العلمية والعملية .. خليك دايما بروفيشنال في عملك .. تعملاتك .. علمك ودايما افتكر كلمة روز اللي في اول المقال No he was a professional :)


انشر لتعم الفائد
Share:

الأربعاء، 22 يوليو 2015

المعلم يعقوب.. بين الأسطورة والحقيقة



في تاريخ الأمم شخصيات قامت بأدوار مازال الاختلاف حولها لأنها وقفت بوضوح مع الغزاة ضد أبناء جلدتهم. ومن هؤلاء الشخصيات ما عرف في التاريخ المصري الحديث بـ"المعلم يعقوب" الذي مات منذ أكثر من مائتي عام في مدينة مرسيليا، وأثار حالة من الصَّخَب في الحياة الثقافية المصرية قديمًا وحتى الآن.. بعد إعادة نشر كتاب الدكتور أحمد حسين الصاوي عن المعلم يعقوب، والذي حمل اسم "المعلم يعقوب بين الأسطورة والحقيقة" في سلسلة ذاكرة الوطن، والتي تُصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر.

بدأ المؤلف الدكتور أحمد حسين الصاوي بمقدمة شديدة الوضوح، قدَّم فيها وثائق انجليزية وفرنسية تتصل بحياة المواطن المصري الذي لُقِّبَ بالمعلم يعقوب أو الجنرال يعقوب، والأحداث التي تفاعل معها أثناء وخلال الاحتلال الفرنسي لمصر، وضمَّ الكتاب تقديمًا بالغ الحزم والدقة لرئيس تحرير السلسلة أسامة عفيفي، الذي أوضح أن المعلم يعقوب قائد ما سمى بـ"الفيلق القبطي" التابع لجيش نابليون، كان يهدِف إلى إثارة الفتنة الطائفية؛ لأن هذا الفيلق كان يضم مجرمين سابقين من المسلمين والمرتزقة من خارج البلاد من أرمن وأتراك وشوام، وضم كثيرًا من الذُّعار والحرافيش وأصحاب المنسر، مما دفع الكنيسة القبطية المصرية إلى التبرؤ منه ومن أفعاله.

وقد سبق أن أصدر المجلس الأعلى للثقافة منذ سنوات قليلة كتابًا بعنوان: "هذا هو المعلم يعقوب" للدكتور أنور لوقا، يؤكد فيه أن المعلم يعقوب صاحب مشروع وطني لاستقلال مصر، وأنه سبق عصره بأكثر من قرن، وأنه خرج من مصر على رأس وفد مصري للتفاوض مع الدول الأوروبية من أجل منح مصر استقلالها. ويتهم د. لوقا مؤلف الكتاب الأول "بين الأسطورة والحقيقة" الدكتور أحمد حسين الصاوي بأنه لم يكن من الجِدِّ بحيث يستطلع تلك الثقافة أو يطمح إليها (الفرنسية)  وإنما كان ظريفًا عذب الحديث، سريع الخاطر والمفكاهة، يتقمص تلك الخفَّة التي يسميها المصريون "الفهلوة".

ولقد صرح المحامى المسيحي ممدوح رمزي بأنه سيتخذ خطوات قانونية لمصادرة كتاب "المعلم يعقوب بين الأسطورة والحقيقة"؛ لأنه يستهدف تشويه صورة المعلم يعقوب.

وهكذا تتنازع صورة المعلم يعقوب ما بين الأبيض والأسود؛ فهو تارة خائن وعميل عند مجموعة من المؤرخين والكُتَّاب، وتارة أخرى بطل سياسي واقتصادي نادر عند نفرٍ آخرَ منهم.. مات بالحمَّى على السفينة التي حملت فلول الحملة الفرنسية على مصر، أو هو قتل بالسم من أعدائه حتى لا يتعاون مع الأجنبي. حرمته الكنيسة المصرية من التناول، لأنه خرج عن تعاليمها، ويطالب محامٍ مسيحي بمصادرة الكتاب لأنه يسيء للمسحيين.
وليس بوسع أي قارئ ـ منصف ـ للكتاب إلا الانزعاج من المحتقنين الذين يحجرون على حوادث التاريخ وينادون بمصادرة أي كتاب لم يُكتب على هواهم. إن الذين طالبوا بمصادرة الكتاب هم الذين يسيئون لتاريخ الكنيسة التي وقف رئيسها ضد أطماع المعلم يعقوب الذي انسلخ عن أمته والتحق بقوات الغزاة.

ومن ثم تأتي أهمية عرض الكتاب لكي يختلف معه من أراد عن بيِّنَة، ويدافع عنه من أراد عن بيَّنَه، بعيدًا عن سياسة تجريم التاريخ التي أصبح البعض ينتهجها لتخويف كل باحث عن الحقيقة.
وقد جاء الكتاب مكونًا من ثلاثة عشر عنوانًا وثمانية ملاحق، تناول الدكتور الصاوي من خلالها تلك الشخصية المثيرة للجدل.

في البداية يتحدث الباحث عن أقباط مصر، وأكد أنهم برعوا في  مصادرة الدفاتر وجباية الضرائب وكل ما له علاقة بتنظيم الحياة المادية لمصر في كل عصورها منذ دخلها الإسلام. وأنهم (أي الأقباط) احتفظوا بمكانتهم الوظيفية في عهد المماليك والأتراك، وعندما جاء الغزو الفرنسي لم يتغير من الأمر شيء. وعيَّن نابليون بونابرت المعلم جرجس الجوهري مسئولًا عامًا عن تحصيل الضرائب العقارية، وعهد إليه بتنظيم الموارد المالية للحكومة. ولقد شن المماليك (مسلمون) بقيادة مراد بك حربًا شعواء على قوات الحملة الفرنسية. وتحصَّنَ مراد بك في الصعيد، وواصل حربه ضد القوات الفرنسية.

إلا أنه أمام التفوق العسكري للفرنسيين والخيانات من جانب أمراء مماليك، مثل عثمان البرديسي وعثمان عسكر وحسين الكاشف الذين يتحالفون مع الفرنسيين، وأمثال يعقوب، يوقِّع مراد بك اتفاقية سلام وتحالفًا مع كليبر، وتقضي الاتفاقية بأن يحكم مراد بك الصعيد باسم الجمهورية الفرنسية مقابل تمتُّعِهِ بخَراج إقليم جرجا، وعليه أن يتكفل بتموين القوات الفرنسية المرابطة في ميناء القصير، وأن يساعدها في حالة الاعتداء عليها.ولقد أتاح تحالف المماليك لكليبر فرصة القضاء على ثورة القاهرة الثانية (قادتها وجمهورها من المسلمين).
ويكتب الباحث عن المعلم يعقوب، فيرى أنه في حوالي العام 1745 ولد يعقوب حنا بمدينة ملوي، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم لما أتقن المحاسبة عمل في خدمة سليمان بك أغا (مسلم) ليضبط دفاتر حساباته، وقد جنى يعقوب من وراء عمله ثروة ضخمة.

وكان يعقوب قويَّ البِنْيَة، محبًّا للفروسية، وقد حارب في صف المماليك ضد قوات القبطان حسن باشا، التي كانت تحاول تثبيت حكم العثمانيين لمصر قبيل قدوم الغزو الفرنسي.

كما كان يعقوب مخالفًا لعادات قومه في الزي والنشاطات، ويكفى أنه اتخذ امرأة بطريقة غير شرعية، وقد نصحه بطريرك الأقباط بتحسين سلوكه ولكنه رفض النصيحة. وعندما وقع الغزو الفرنسي كان يعقوب رجلاً مكتمل الرجولة، في الثالثة والخمسين من عمره.. ملأ جلده طموح قاتل.. لم يعد يعقوب راضيًا بدور الثري أو جامع الضرائب أو المحاسب.. إنه يبحث عن دور يضعه حيث يرى نفسه.

ووجد يعقوب ضالته في الفرنسيين؛ فقدَّم نفسه إليهم (ألا يذكِّرنا هذا بفلان وفلان في العراق مثلا؟ الذين قدموا أنفسهم للأمريكان).

يعقوب الصعيدي، العارف بدروب بلاده، رافق الجنرال ديسيه ليخضع الصعيد للحكم الفرنسي الجديد. ووقع يعقوب في غرام ديسيه، ولذا بذل كل جهده لإنجاح حملة قمع الصعيد!!.

قام يعقوب بتأمين طرق مواصلات الحملة، ونظم الشئون الإدارية في الأقاليم التي تم إخضاعها، وعمل على التوفيق بين قديم القوانين وجديدها، ثم شارك بفاعلية في المعارك التي جرت بين المماليك والصعايدة من جانب، والفرنسيين من جانب آخر.

اشتبك يعقوب على رأس فصيلة من الفرسان الفرنسيين مع المماليك عند بلدة العتامنة بأسيوط، وأبلى بلاءً حسنًا في تلك المعركة حتى إن القائد الفرنسي قدم إليه سيفًا تذكاريًّا نُقشت عليه جملة "معركة عين القوصية 24ديسمبر 1798".

ولما غادر بونابرت مصر فجأة في الأول من أغسطس 1799 وتولى كليبر قيادة الحملة، عاد ديسيه من الصعيد برفقة يعقوب الذي قدَّم حتى ذلك الوقت خدمات جليلة للفرنسيين، ولكنه كان دائمًا يلعب لصالحه الشخصي. يقول الجنرال بليار في مذكراته عن يعقوب: ومع أنه كان يعمل لحسابنا فهو لم ينْسَ مصالحه الخاصة.

تحصَّن يعقوب في قلعته التي شيَّدها في الرويعي، وضم إليه معظم عساكر الزعيم المملوكي حسن بك الجداوي، ومنحه كليبر رتبة كولونيل، فبدأ يعقوب في تكوين فرقة قبطية مسلحة عرفت لاحقًا باسم الفيلق القبطي، وقام من ماله الخاص بتجهيز الفيلق بالتموين والسلاح. وكان الهدف من تكوين الفيلق هو مساعدة الفرنسيين.

كما شارك يعقوب ورجاله في تحصين القاهرة  من العثمانيين عندما حاولوا الاقتراب منها للمرة الثانية في عام 1801، وكان من أعوان يعقوب في قهر المصريين رجل يدعى مصطفى الطاراتي، وقد كافأ مينو، الذي تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد كليبر، المعلم يعقوب ومنحه رتبة جنرال.

غادر ديسيه مصر في عهد كليبر لينضم لبونابرت في حربه مع النمسويين، وقد قُتل ديسيه في معركة مارنجو، وحزن يعقوب على مقتل صديقه الشاب حزنًا عظيمًا، وكتب إلى الجنرال مينو يعرض عليه دفع ثلث تكاليف بناء النُّصُب التذكاري المزمع إقامته تخليدًا لذكرى الرجل الذي وهبه قلبه، حسب نص عبارة يعقوب. هنا لا يقطع المؤلف بشيء حول طبيعة علاقة يعقوب بديسيه، وإن كان يشير إلى تعلُّق الشيخ إسماعيل الخشاب بشاب من ضباط الجيش الفرنسي!!

لم يتوقف الأمر عند تحمُّل ثلث تكاليف إقامة النصب، بل تعدَّاه إلى مدح الفقيد بقصيدة غير عصماء، تتحدث عن شوق القلب إليه!!! وقد أوردها الباحث الدكتور الصاوي كاملة في الملاحق.

كلف يعقوب صديقه الأب رفائيل بكتابة مرثية شعرية في ديسيه، تعبِّر عن مشاعره تجاه صديقه، والقصيدة على ركاكتها كانت تسجيلاً لمشاعر وأحاسيس يعقوب نحو الضابط الشاب الذي عاش معه في الصعيد، وكان لا يفارقه!!

وبعد أن كتب الأب رفائيل مرثيته أرسلها يعقوب إلى باريس، ومن أبيات القصيدة التي قد تشير إلى طبيعة العلاقة بين يعقوب وديسيه :
ولم يزل بفكري مخلدًا أبدًا
حتى إلى خروج الروح من صدري
جُدْ عليَّ بلحظ العين مترأفًا
وانظر إليَّ بأسنا برقة النظر
فانظر إلى شعبنا وشقاء حالته
فغدت حياتنا لا تخلو من الكدر
لاحظ المصريين وكيف كانوا قديمًا
وعبيدًا غدوا الآن للرق واليسر
ومحبتنا للفرنسيس فلابد عنها
لأنهم اعتقونا من الأضرار والشر.

ولكن سرعان ما هوى صرح الخيال الذي شيده المعلم يعقوب، حيث كانت القوات العثمانية التي تريد استرداد مصر من قبضة الفرنسيين تتقدم باتجاه القاهرة في ذات الوقت الذي تقدمت فيه القوات الانجليزية باتجاه رشيد، فوقع مينو بين طرفي كماشة؛ فكان لابد من الانسحاب من مصر وإعلان فشل الحملة. ماذا يفعل يعقوب وكل الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الاحتلال؟

جمع يعقوب فَيْلَقَهُ وأراد السفر إلى فرنسا، ولكن نساء وأولاد الجنود تشبثوا بالبقاء في مصر، من ناحيتهم أراد العثمانيون استمالة الشعب إليهم فأصدروا مرسومًا يقضى بالعفو العام عن كل الذين تعاونوا مع الفرنسيين، وقالوا نصًا: "كل واحد من أهالي مصر المحروسة من كل ملة كانت، الذي يريد أن يسافر مع الفرنساوية يكون مطلوق الإرادة، وبعد سفره لا تصادَر أملاكُه، ولا أحد من أهالي مصر يكون قَلِقًا من قِبل نفسه ولا من قبل متاعه. جميع الذين كانوا بخدمة الجمهور الفرنسي بمدة إقامة الجمهور بمصر".

هذا العفو لم يفلح في حالة يعقوب ويوسف الحموي وعبد العال الأغا قائد قوات الأنكشارية الذي طلَّق زوجته وباع متاعه وسافر مع الفرنسيين (ليس الأقباط هم الذين تعاونوا فقط).. أخيرًا جاءت ساعة الحقيقة، وصعد يعقوب إلى الفرقاطة الإنجليزية بالاس، وهي السفينة نفسها التي أقلَّت الجنرال بليار وعددًا من جنوده عائدين خائبين إلى فرنسا. وهنا يبدأ الفصل الأخير من مغامرات يعقوب مع تيودور لاسكاريس الذي ولد في عام 1774لأسرة من نبلاء إيطاليا، وانخرط وشقيق له في سلك فرسان القديس يوحنا بجزيرة مالطة، التي غزاها نابليون وهو في طريقه لمصر وانتزعها من أيديهم. صحب تيودور لاسكاريس نابليون إلى مصر، وقد جاء في مراسلات نابليون أن الأخوين لاسكاريس كانا مصابَيْن بلون من الهوس وشذوذ الأهواء، وخاصة تيودور الذي وصل الأمر به إلى حد الجنون؛ لأنه كان صاحب عقل مغرِق في الخيال، وقد قال لاسكاريس لقائد الحملة مينو: إن القدر يهيئ لكل إنسان في هذا العالم الطريق الذي يسلكه، وكثيرًا ما أرتفع بنفسي فوق عالم الواقع لكي أخطط لمشروعاتي، وأترك لخيالي أن يذلل كل ما قد يعترضها من عقبات.

على متن السفينة الإنجليزية كان القبطان يميز المعلم يعقوب بنوع خاص من المعاملة، وهو الأمر الذي جعل يعقوب يقول للقبطان: إنني عندما أعتمد في تحقيق غايتي على الفرنسيين لم أكن أدرك قوة الإنجليز، أما الآن فقد خدعنا الفرنسيون، وأصبح الشعب المصري يحتقرهم كما يحتقر الأتراك «تلقف لاسكاريس هذه المغازلة وتدخل عقله صاحب المشروعات العجيبة وقال للقبطان: إن الجنرال يعقوب إنما يسافر على رأس وفد مصري اختاره أعيان البلاد ليفاوض الحكومات الأوربية المعنية في موضوع استقلال مصر». هذا الخيال الجامع يصبح للأسف هو الدليل الوحيد على المساعي التي بذلها يعقوب في سبيل استقلال مصر عن الحكم التركي!
لاسكاريس كان يمارس هوايته في إطلاق المشروعات غير القابلة للتحقيق، أما يعقوب فقد كان يكذب، إذ لم يكن ممثلاً للمصريين، ولم يكن على رأس وفد المطالبة بالاستقلال. يعقوب لم يكن سوى باحث عن مصلحة خاصة تمكِّنه من الزعامة الشخصية، وسامح الله الدكتور لويس عوض الذي تلقَّف هذه القصة وجعل من خلالها يعقوب بطلاً من أبطال الاستقلال.

وعندما كانت السفينة بالاس لاتزال في عَرض البحر أصيب يعقوب بالحمَّى، ما لبث أن اشتد عليه المرض ومات في عرض البحر في 16 أغسطس 1801، وكانت آخر كلماته وهو يحتضر للجنرال بليار أن يُدفن مع صديقه ديسيه في قبر واحد.

ولم يُلق قبطان السفينة بجثة يعقوب إلى البحر كالمعتاد في مثل هذه الحالة، بل استمع إلى رجاء من معه، فاحتفظ بالجثة في دن من الخمر حتى وصلت السفينة إلى مارسيليا، وهناك تم دفنها، ليُسدل الستار على الفصل الأخير في حياة يعقوب. ويختتم الدكتور الصاوي كتابه الهام بقوله: إن مصر أفاقت بعد سنوات الحملة الفرنسية لتشُقَّ طريقَها بمسلميها وأقباطها نحو التقدم والنماء، ولتُبهر العالم بثورة 1919 التي اعتنق فيها الهلال والصليب في وحدة لم يسبق لها أو يلحق بها نظير، كما قدم كتابه أيضًا بإشارة إلى أنه لا فرق أمام الحقيقة والتاريخ بين مسلم ومسيحي.

والآن بعد هذا العرض لأبرز ما جاء في كتاب الدكتور أحمد حسين الصاوي، هل لنا أن نسأل: أين هي تلك الطائفية التي أغضبت البعض من إعادة نشر الكتاب؟

لقد ذكر الدكتور الصاوي كل ما يتعلق بالذين تعاونوا، بل وتحالفوا مع الاحتلال، ولم يفرِّق بين مسلم ومسيحي، وشن حملة قوية ضد خيانة مراد بك الذي تمتع هو وقومه بخيرات مصر، ثم تحالفوا مع الغازي؛ لأنهم دائمًا وأبدا كانوا ينظرون إلى مصالحهم الشخصية بعيدًا عن مصلحة البلاد التي نعموا بخيراتها.

علامَ إذنْ هذه الزوبعة السخيفة بشأن كتاب يمثل ـ إجمالاً ـ وجهة نظر هامة؟.




انشر لتعم الفائد
Share:

المزيد حول المدونة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية