تولّى محمد السادس العرش والدولة في احتضار، ولكنها كانت ما تزال متماسكة،
وأصبح الاتحاديون هم الحكام الفعليين للبلاد، أما السلطان فكان مجرّد ألعوبة في أيديهم،
وفي ذلك الوقت كانت الدولة قد أضاعت كثيرًا من بلادها في أوروبا، والأفكار القومية
تنتشر يومًا بعد يوم، والبلاد في حالة إفلاس بسبب الحروب المتواصلة، والأوروبيون قد
تسلطوا على مالية الدولة لاستيفاء ما لهم عليها من ديون. وفي نفس السنة لاعتلاء محمد
رشاد العرش، سيطرت الإمبراطورية النمساوية المجرية على البوسنة والهرسك، وبعد ثلاث
سنوات هاجمت إيطاليا ليبيا، آخر الممتلكات العثمانية الفعلية في شمال أفريقيا، فقاومها
العثمانيون بكل طاقتهم، لكنهم لم يستطيعوا شيئًا، فسقطت البلاد بعد سنة من المعارك
الشديدة .
ثم جاءت حرب البلقان الأولى التي تولّى كبرها كل من مملكة صربيا ومملكة الجبل
الأسود ومملكة اليونان ومملكة بلغاريا، وفقدت فيها الدولة العثمانية ما تبقى لها من
ممتلكات في البلقان عدا تراقيا الشرقية ومدينة أدرنة، وانسحب حوالي 400,000 مسلم من
سكّان تلك البلاد إلى تركيا خوفًا من ما قد تُقدم عليه جنود العدو.
وفي تلك الفترة
ظهرت النزعة التركية الطورانية بقوة وعنف، وسعى حزب الاتحاد والترقي إلى تتريك الشعوب
غير التركية المشتركة مع الأتراك في العيش تحت ظل الدولة العثمانية، مثل العرب والشركس
والأكراد والأرمن. وفي سنة1913م عقد الوطنيون العرب مؤتمرًا في باريس، واتخذوا مقررات
أكدوا فيها على رغبة العرب في الاحتفاظ بوحدة الدولة العثمانية بشرط أن تعترف الحكومة
بحقوقهم، كون العرب أكبر الشركاء في الدولة، وطالب هؤلاء أن تُحكم الأراضي العربية
حكمًا ذاتيًا وفق نظام اللامركزية، وقد وعد الاتحاديون الزعماء العرب الأحرار بقبول
مطالبهم، لكن ذلك لم يتحقق بفعل نشوب الحرب العالمية الأولى.
كان عام1908 نقطة تحول جوهرية
في عهد عبد الحميد وفي تاريخ الدولة العثمانية. وعرف عن هذا السلطان سعيه لترسيخ نظام
الخلافة الإسلامية وأطلق شعار "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وكان عهده من أكثر
أوقات الدولة العثمانية صعوبة.
حيث بدأ مناوئو السلطان عبد الحميد إظهار اعتراضاتهم على أسلوب حكمه، لكن
تلك الاعتراضات لم تصل حد الغليان إلا عام 1326هـ، حيث قام تمرد نظمته تنظيمات ليبرالية
مثل تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي، وشهد ذلك العام فقدان الدولة العثمانية أولى
أراضيها للقوى الأوروبية. في المقابل ثارت قوى إسلامية تأييدا للسلطان، ورفضا للأفكار
التي أتى بها أعضاء التنظيمات الليبرالية بعد إقامتهم في أوروبا. وكان الكثير من أعضاء
تركيا الفتاة وغيرها من التنظيمات الليبرالية ضباطا في الجيش، ومن الذين تلقوا تعليما
عسكريا، ولكن طموحاتهم السياسية، أدت إلى تمرد عسكري انضم إلى التنظيمات الموالية للسلطان
من أمثال الاتحاد المحمدي.
امتد نفوذ الاتحاد والترقي في الدولة، فضم إليه الكثير من ضباط الفيلق
الأول المسيطر على الآستانة، وكذلك الفيلقين الثاني والثالث المرابطين في الولايات
العثمانية الباقية في أوروبا. وقد حاول السلطان عبد الحميد مقاومة هذه الجمعيات، فنادى
وتمسّك بفكرة الجامعة الإسلامية، لكنه فشل أمامهم، وخرجت الأمور عن نطاق سيطرة السلطان
عبد الحميد، وكانت الضربة القاصمة للحكم العثماني قيام قوات متمردة بقيادة الجنرال
محمد شوكت باشا بدخول إسطنبول وقمع التمرد العسكري وترجيح كفة القوى المناوئة للسلطان،
وهو ما يعرف تاريخيا بأحداث 31 مارس 1909.
الحرب العالمية الأولى (1914–1918)
انطلقت شرارة الحرب الأولى في 28 يونيو عام 1914م عندما كان الأرشيدوق
فرانز فرديناند، وليّ عهد العرش النمساوي المجري يقود سيارته في مدينة سراييڤو في البوسنة الخاضعة
للنمسا، فاغتاله أحد القوميين الصرب، فاعتبرت الإمبراطورية النمساوية المجرية صربيا
مسؤولة عن هذا الاغتيال، فتدخلت روسيا لدعم صربيا مدعومة من فرنسا وتحركت ألمانيا ضدهما.
وما لبثت أن دخلت بريطانيا الحرب بعد ذلك بفترة قليلة، ومن ثم تشكلت الأحلاف، فدخلت
الدولة العثمانية الحرب إلى جانب معسكر دول المحور، أي ألمانيا والنمسا وبلغاريا.
بعد
أن فقد العثمانيون الأمل في محاولات التقارب مع بريطانيا وفرنسا، وفشلوا في الحصول
على قروض عاجلة منهما لدعم الخزينة، وعُزلت الدولة سياسيًا بعد حروب البلقان وإيطاليا؛
فلم يكن لهم سوى خيار التقارب مع ألمانيا التي رأت مصلحتها في "الانتشار نحو الشرق".
وفي 10 أغسطس سنة 1914م.
دخلت الدولة العثمانية الحرب بشكل فعليّ، بعد أن سمحت لبارجتين
ألمانيتين كانتا تطوفان البحر المتوسط، بعبور مضيق الدردنيل نحو البحر الأسود هربًا
من مطاردة السفن البريطانية. وخطا الباب العالي خطوة هامة باتجاه الاشتراك بالحرب،
حيث أعلن الصدر الأعظم إلغاء الامتيارات الأجنبية، ملبيًا بذلك إحدى المطالب الرئيسية
للقوميين الأتراك، ثم اتخذ خطوة أخرى في طريق التحدي بإغلاقه المضائق بوجه الملاحة
التجارية، كما ألغى مكاتب البريد الأجنبية وجميع السلطات القضائية غير العثمانية.
بعثت
الانتصارات الألمانية الخاطفة على الجبهة الروسية الأمل في نفوسالاتحاديين، بشأن إمكانية
استعادة الأراضي العثمانية المفقودة لصالح روسيا المهزومة، فهاجم الأسطول العثماني
الموانئ الروسية في البحر الأسود، وقد شكّل ذلك أمرًا واقعًا زج بالدولة العثمانية
في الحرب، فأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، واقتدت بها كل من بريطانيا وفرنسا،
وردّ السلطان محمد الخامس بإعلان الحرب، ودعا المسلمين إلى الجهاد، إلا أن ذلك لم يتحقق،
فأغلب مسلمي العالم كانوا يزرحون تحت نير الاستعمار البريطاني أو الفرنسي. وكانت السلطات
الاستعمارية قد جندت بعضًا منهم أيضًا في جيوشها.
خاضت الجيوش العثمانية الحرب على
جبهات متعددة من دون استعداد كامل، فعلى الجبهة الروسية مُنيت الحملة العثمانية بهزيمة
فادحة، حيث فتك القتال والصقيع والوباء بتسعين ألف جندي عثماني، وفي الجنوب نزل البريطانيون
في الفاو على الخليج العربي واستولوا على العراق.
أما عملية قناة السويس فجرت قبل الموعد
المحدد، وفيها اتفق العثمانيون مع المصريين على قتال البريطانيين، لكنها أسفرت عن هزيمة
العثمانيين وأودت بحياة الكثيرين دون طائل.
وقام أسطول الحلفاء بمهاجمة مضيق الدردنيل
في خطوة للاستيلاء على الآستانة وإخراج الدولة العثمانية من الحرب، وإمداد الجبهة الروسية،
لكن هذا الأسطول الضخم عجز عن اجتياز المضيق وهزم العثمانيون طاقمه هزيمة كبيرة في
معركة بريّة، كانت النجاح الوحيد لهم في مقابل سلسلة من الإخفاقات، وبرز في هذه المعركة
القائد مصطفى كمال.
وأثيرت أثناء المعارك، التي اندلعت على الجبهة الشرقية وهجوم الحلفاء في
الدردنيل وغاليبولي، قضية الأرمن مرة أخرى، إذ قام الاتحاديون بنقل سكان المناطق الأرمنية
في ولايات الشرق وكيليكيا والأناضول الغربية إلى بلاد الشام، بهدف تأمين حياة السكان
المدنيين وحماية القوات المسلحة من خيانة محتملة من جانب العناصر الموالية لروسيا.
وكان بعض الأرمن قد تطوعوا في الجيش الروسي، وقتلوا عددًا من السكان المسلمين في الأناضول
الشرقية، ونتيجة لذلك تعرّض المرحلون لعمليات تعذيب وقتل فيما أصبح يُعرف باسم
"مذابح الأرمن".
بعد فشل الحملة العثمانية على مصر، جرت اتصالات سريّة بين
البريطانيين في مصر وشريف مكة حسين بن علي الهاشمي، وبعض الزعماء العرب، وتمّ الاتفاق
بين الفريقين على أن يثور العرب على الأتراك وينضموا إلى الحلفاء مقابل وعد من هؤلاء
بمنح العرب الاستقلال وإعادة الخلافة إليهم. وتنفيذًا لهذا الاتفاق أعلن شريف مكة حسين
في يونيو سنة 1916م الثورة العربية على الأتراك، فأخرجهم من الحجاز وأرسل قوّاته شمالاً
بقيادة ولديه فيصل وعبد الله لتشارك القوات البريطانية في السيطرة على بلاد الشام.
في غضون ذلك سُحقت المقاومة البلغارية في البلقان، مما أرغم حكومة صوفيا
على طلب الهدنة، فأدرك الباب العالي خطورة الموقف، لأن الحرب أضحت قريبة من الأراضي
التركية، ويمكن للعدو أن يتغلغل بحريّة في تراقيا الشرقية ويزحف حتى أبواب الآستانة،
فأبرم العثمانيون معاهدة مودروس مع الحلفاء، خرجوا بموجبها من الحرب.
توفي السلطان محمد الخامس قبل أشهر من انتهاء الحرب، وخلفه أخاه محمد
"وحيد الدين" السادس. وبعد مرور شهر على توقيع هدنة مودروس، دخلت البحرية
البريطانية والفرنسية والإيطالية ثم الأمريكية
إلى القرن الذهبي، وأنزلت قواتها في الآستانة التي حوّلتها إلى قاعدة لنشاط الحلفاء
في المنطقة كلها. سيطر الحلفاء على موانئ البحر الأسود كلها، واقتسموا الأراضي التركية،
فاحتل الفرنسيون مرسين وأضنة، والإيطاليون أنطاكية وكوشا داسي وقونية، واحتل اليونانيون
القسم الغربي من الأناضول، بالإضافة إلى تراقيا.
ونظرة سريعة على ما آلت اليه الاحداث نجد ان تركيا الان في وضع لا تحسد
عليه حيث انها لم تخسر فقط اغلب مناطق نفوذها ولكن وصل الامر الى ان بحرية دول التحالف دخلت منطقة القرن الذهبي واحتلت الاستانة وتم السيطرة على موانيء البحر الاسود بالكامل
وتم تقسيم الاراضي التركية بين دول التحالف بينما احتلت اليونان الجزء الغربي !!
وهنا يأتي التساؤل .. اين دولة الخلافة الان !! بل اين تركيا نفسها !!
وننتقل الان الى السؤال الاهم .. اين مصطفي كمال اتاتورك .. وكيف قام بإسقاط
الخلافة !!
نجيب على هذا التساؤل هنا:
مصطفى كمال اتاتورك هو قائد الحركة التركية الوطنية في أعقاب الحرب العالمية الأولى ،وأوقع
الهزيمة على اليونانيين في الحرب التركية اليونانية عام 1922 ،وبعد انسحاب قوات الحلفاء
من الأراضي التركية جعل عاصمته مدينة أنقرة ،وأسس جمهورية تركيا الحديثة.
دوره اثناء الحرب العالمية الاولى:
في الثامن والعشرين من يوليو عا م1914 بدءت الحرب العالمية الاولى ودخلت
الدولة العثمانية في حرب منذ التاسع والعشرين منذ أكتوبر 1914 .
وفى العشرين من يناير
عام 1915 عُين مصطفى كمال قائد للفرقة 19 التي كانت ستؤسس في منطقة تك فور داغ بقيادة
الفيلق الثالث .
ظلت الفرقة 19 فرقة احتياطية في منطقة "اجا آبط " بقرار
من قيادتها وذلك في الثالت والعشرين من مارس عام 1915. في الخامس والعشرين من ابريل
عام 1915 اندلعت حرب تشاناك قالا بسبب التصريحات التي اعلنها ائتلاف الدول تجاه جلى
بولو ياردم ادا وبناء على هذا النجاح نال تقدير المشير اوتوليمان فون سان درس قائد الجيش
الخامس.
و حصل على رتبة اميرالاى في الحادي من يونيه عام 1915. عقب الهجوم الذي شنه
الانجليز على مدينة "سوفلا كورفاز" في شهر اغسطس، قام "اوتوليمان
" بتسليم قائدهم في مساء الثامن من الشهر نفسه ذلك القائد المحتل لمنطقة
"آنافارتالار".وفى التاسع والعاشر من اغسطس احرز نصراً لهذه المنطقة .وعقب
ذلك النصر توالت انتصارات آخرى ؛ حيث الانتصار في موقعة "كريتش تابا" في
السابع عشر من اغسطس، و الانتصار في معركة "آنافارتالار" في الحادي والعشرين
من الشهر نفسه .
صورت صحافة استانبول للعامة أن كلاً من الميرالاى مصطفى كمال بى و
روشن اشرف بى هما بطلا معركة" آنافارتالار".في الرابع عشر من يناير عام
1916 عُين قائد الفيلق السادس عشر ، ذلك الفيلق الذي اُرسل من "جلى بولو"
إلى "ادرنا".
وخلال الشهرين الذان قبعا فيهما في "ادرنا" عمل على
تمويل الفيلق واسترداد قواه وتدريبه .وفى السادس عشر من فبراير قامت القوات العسكرية
الروسية الموجودة على الجبهة الشرقية بصد هجوم الجيش الثالث العثماني ، والاستيلاء
على ارذروم.
اما في الثالث عشر من مارس احتلت مدن آخرى مثل "بليتس – موش- فان-
هاككارى ".
في الخامس عشر من مارس اُرسل الفيلق الثالث إلى ديار بكر برئاسة العقيد
مصطفى كمال لدعم الجيش الثالث.حمل مصطفى كمال على عاتقيه مسئولية كبرى نظراً لرتبته
،وأثناء تواجده في ديار بكر في الحادي من ابريل 1916 حصل على رتبة فريق كترقية ،ونال
لقب باشا. اصدر مصطفى كمال امراً بالتراجع التكتيكى ( وفقاً لخطه تكتيكية ) .
وبهجوم
مفاجىء حرر منطقة موش من احتلال القوات الروسية وحقق السيادة الاستراتيجية للقوات العسكرية
العثمانية ؛ ولاحراز هذا النصر على جبهة كافكاس نال مصطفى كمال ميدالية السيف الذهبية
.
وفى شهر اغسطس حرر منطققتى موش وبليتس من الاحتلال كاملاً ( بشكل تام ) . أثناء تواجد
مصطفى كمال في ديار بكر، اصدرامراً بشن انقلاب ضد حكومة يعقوب جميل ، و كان هذا الأمر
بمثابة القضاء على الحرب.
فالطريق الوحيد للتحرر هو الضغط على حكومة بابى على وتغير
وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية وذلك بإحداث انقلاب ضد الحكومة وجعل مصطفى كمال وكيل
القائد الأعلى ووزير الحربية في آن واحد .
واخبر أحدهم انور باشا بتلك المؤامرة،وبناءً
على ذلك قُتل يعقوب جميل رمياً بالرصاص.
ويذكر مصطفى كمال في مذكراته التي سردها ل"فالح
رفقى آتاى" رئيس إحدى الفرق العسكرية في ذللك الوقت : "شُنق يعقوب جميل ؛
والسبب أنه قال لاسبيل للتحرر طالما انى لست وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية ،ولهذا
قمت بمعاقبته كأول عمل اقوم به عند ذهابى إلى استانبول. ليتنى رجل تبوء رئاسة السلطة
من قبل هذا وأمثاله ،لكنى لم اكن هذا الرجل" .
وفى يونيو عام1918 ذهب إلى فينا
وكارل سباد متلقياً العلاج هناك .اما في الثاني من اغسطس عاد إلى استانبول وذلك اثر
وفاة السلطان محمد رشاد واعتلاء السلطان وحيد الدين محمد السادس العرش.
وفى الخامس
عشر من الشهر نفسه اُرسل إلى الجبهة الفلسطينية بإعتباره قائد الجيش السابع وعقب ذلك
صار المرافق العسكرى للسلطان .وفى العشرين من ديسمبر عام 1918 أعرب مصطفى كمال باشا
عن رغبته في عقد هدنة ، موضحاً ذلك في تلغراف أرسله إلى ناجى بى المرافق العسكرى للسلطان
السلطان وحيد الدين محمد السادس معلناً فيه أن جماعة جيوش يلدرملن تبقى الدرع الاساسى
في الحرب بالإضافة إلى رغبته في أن يوكل نفسه في الحكومة الجديدة وزيراً للحربية و
نائب للقائد الاعلى. وعقب ذلك في السادس من أكتوبر تخلى عن قيادة الجيش السابع. في
التاسع عشر من ديسمبر شنت قوات الأحتلال البريطانية (الإنجليزية )بقيادة ادمُند آالِنبى
هجوماً ؛ مما اثقل العبء على الجيش الثالث أحد جيوش جماعة يلدرم .
وفى الحادي من أكتوبر
استولوا على الشام ، وفى الخامس والعشرين من الشهر نفسه احتلوا حلب أيضاً . ردع مصطفى
كمال الجيوش البريطانية في حلب ونجح في انشاء خط دفاع . في الثلاثين من أكتوبر عام
1918 وقّع هدنة مندروس ، وفى ظهيرة اليوم التالى أقام مسيرة . وبتطبيق المادة التاسعة
عشر من عقد صلح مندورس ،كُلف مصطفى كمال باشا برئاسة مجموعة جيوش يلدرم بعد أن نُزعت
رئاستها من قائدها السابق اتوليمان فون ساندرس إلا أن في السابع من نوفمبر أُلغى الجيش
السابع ومجموعة جيوش يلدرم. وفى العاشر من أكتوبر عام1918 انطلق من ادانا إلى استانبول
تاركاً قيادة وحدات يلدرم العسكرية إلى نهاد باشا قائد الجيش الثاني، وفى الثالث عشر
من نوفمبر وصل إلى محطة حيدر باشا القائمة في استانبول.وأثناء عبوره من حيدر باشا إلى
استانبول رآى الاساطيل الحربية للعدو في المضيق ، فقال عبارته الشهيرة "سيعودون
بخفى حنين" (سيعودون كما جاؤا). اصدر فتحى بى برفقة كلاً من احمد عزت باشا واحمد
توفيق باشا جريدة المنبر ذات الرأى المعارض وذلك لمباشرة الأوضاع السياسية.
يهود الدونما:
قبل كل ذلك كان هناك ما يسمى يهود الدونمة او الدونما وقد وصلوا إلى مناصب
عالية في دولة الخلافة، وكان هؤلاء يظهرون الإسلام ويبطنون اليهودية ومنهم (مدحت باشا)الصدر
الأعظم وهو ابن حاخام مجري !! كما كان منهم جمهرة الصحفيين الذين كانوا يغطون تطور
الأحداث بقلم مزيف الوقائع، ويظهر للناس أن عبدالحميد مستبد ظالم زيرنساء،وقد تابعهم
للأسف كثير من المؤرخين المسلمين. (صيد الفوائد شبكة فجر)
ونذكر منها على سبيل المثال جماعة يهود الدونمة الذين التجئوا للبلاد العثمانية
بعد الاضطهاد في الأندلس ونظموا أنفسهم محتفظين بعقائدهم متكيفين مع الوضع الجديد بإعلانهم
الإسلام ظاهرياً ، فكانوا عوناً للصليبية على المسلمين وأداة تدمير في الأخلاق والدين
وكانوا وراء حركات التمرد والثورات المسلحة ضد الدولة حتى انتهى بهم المطاف إلى قلب
نظام الحكم في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وفرض أحكام الكفر والابتعاد بالدولة شيئاً
عن جادة الإسلام الصحيح .
** يقال ان حزب الاتحاد والترقي
الذي شمل بعض اليهود في عضويته ورط البلاد في حروب ونزاعات وأرغم قادته المسيطرون عليه
الدولة على الانخراط في الحرب العالمية الأولى.
لورانس العرب
في هذه الاثناء ايضا كان هناك من يدعي لورانس العرب هو ضابط بريطاني اشتهر
بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية عن طريق انخراطه في حياة
العرب الثوار
اهم ما جاء في سيرة لورانس:
قام لورنس بتفقد قوات الشريف المتمركزة في منطقة الخيف بوادي الصفراء وقد
اختبر كفاءة هذه القوات حتى يستطيع أخبار القيادة العامة في القاهرة. كان لورنس شديد
الإعجاب بالشعور الوطني لدى النفوس المتمثل بالقومية العربية والبعيد كل البعد عن النزعات
العقائدية ولا علاقة لها بالإسلام. وادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية
قومية وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس. تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة
القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على
حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام.
احظ هنا كلمة (الثورة القومية) و (الثومية العربية) ومن اول من رددها بعده
في مصر.
وسأكتفي بهذا القدر عن لورانس لان امره شرحه يطول.
**************
ملخص:
ما فات يمكن تلخيصه في الآتي:
الدولة العثمانية دخلت مرحلة الانهيار الفعلي عام 1908
قرار دخولها الحرب العالمية الاولى كان قرار خاطيء تماما
خسرت الدولة العثمانية اغلب نفوذها الخارجي خلال الحرب العالمية
تم احتلال تركيا نفسها وتقسيمها على الحلفاء وحتي اليونان احتلت الجزء
الغربي
دور مصطفي كمال خلال كل ذلك:
قائد حربي من الطراز الاول امين ومحب لبلاده
كسب اغلب المعارك التي خاضها ضد الحلفاء
حصل على ميدالية السيف الذهبية
بعد دحرة للقوات الروسية
استطاع توحيد الاتراك تحت راية واحدة للوقوف في وجه المحتل
توصل الى اتفاقية بخروج كافة القوات من بلاده
تحييد بلاده تماما بعيدا عن المنازعات الدولية التي كانت قائمة وقتها
(مما جنب تركيا الدخول كطرف في الحرب العالمية الثانية)
والان يأتي التساؤل:
اين هي الدولة الان .. واين هي الخلافة .. بل اين هي تركيا نفسها الان !!
خلال بحثي في اشد المواقع الاسلامية تطرفا لم اجد من يستطع شن هجوما
واضحا وصريحا على مصطفى كمال الا وهو بائسا يسوق الاعذار .. واذكر لكم نصا جزء من احد
المقالات لمشاري بن سعد الشثري على موقع صيد الفوائد يقول فيه:
" يعد عام 1908 م / 1326 هـ عامًا حزينًا في ضمير كل مسلم غيور ؛لأنه
عام تهدمت فيه حقيقة الخلافة الإسلامية المتمثلة بالخلافة العثمانية،نحن لا ننكر أن
ثمة جهلاً وبدعًا وأخطاء وغباء في أواخر عهد هذه الخلافة ـ كما مرّ معنا في النقاط
السابقة ـ التي أصبحوا يسمونها بالرجل المريض،ولكن هذا شيء وتغيير النظام الإسلامي
وجلب النظام الغربي الوضعي شيء آخر"
بل ويذكر لنا نفس الكاتب اسباب عديدة لضعف الخلافة الاسلامية اذكر لكم منها سبب واحد يشعل الرأس شيبا .. انه قانون قتل الاخوة !!
العادة السيئة الأليمة
وهي عادة قتل السلاطين لابنائهم وإخوانهم وهي المنافية للإنسانية وإن وجدت لها مبررات
واهنة فقد أودت بأرواح الأطفال والأبرياء بلا ذنب ، سوى خوف المنازعة في الملك فيما
بعد وحرمت الأمة من رجال قد يكون منهم أفذاذا وعباقرة ، فحل محلهم رجال احتلوا مناصب
رفيعة في الدولة وفي قيادة الجيوش من بلاد أوروبا العثمانية تظاهر بعضهم الإسلام و
أبطن الكفر وعاد بالدمار والهزيمة إلى البلاد.
تمثل هذا الإجراء
العرفي الذي اختطفه بايزيد الأول،وتحول على يد محمد الفاتح إلى قانون ثابت،ومفاد هذا
القانون الإجازة للسلطان المتولي للعرش أن يقدم على تصفية الأمراء المنافسين وذلك بالاتفاق
مع هيئة العلماء… وهذه سياسة قوامها تغليب المصلحة السياسية العليا للدولة المتمثلة
بحفظ وحدة كيانها السياسي في مواجهة ما يترتب على اعتماد مبدأ وراثة الملك من إختلالات
تكوينية توفر المناخ المناسب لا تجاه تفكيك كيان الدولة عند انتقال السلطة من الأب
إلى الأبناء.
وبعد قرن من الزمان
جرى استبداله بقانون آخر قضى بالتخلي عن سياسة التصفية الجسدية والاكتفاء بسياسة سجن
جميع الأمراء ـ عداء أبناء السلطان الحاكم ـ في مقاصير خاصة ومنعهم من كل اتصال بالعالم
الخارجي.
ثم تعرض هذا القانون
لتعديل..حيث أوجب قانون جديد:إلزامية انتقال العرش حين خلوه إلى أكبر الأحياء من الذكور
من الأسرة العثمانية. لقد ترتب على تنفيذ هذا القانون وخلال قرن ونيف إلى اعتلاء الأخوة
والأعمام وأولاد العم منصب السلطان وهم غالبتهم من سجناء الأقفاص،وبالتالي فقد تبوأ
مركز السلطان أفراد يفتقدون أبسسط شروط هذا المركز.
ولذا فقد كان أفراد
الأسرة السلطانية يعيشون في خوف مستمر ويتربص بعضهم بالبعض الآخر الدوائر ولا يبالون
بأن يشقوا عصا الطاعة في وجه السلطان سواءً أكان أخاً أم أباً أم ابناً وذلك ليس حباً
بالسيطرة فقط بل لإنقاذ أعناقهم أحياناً من الغدر .
نلاحظ ان جل ما يشغل الرجل بالرغم من اعترافه الكامل والواضح بسقوط الخلافة
فعليا عام 1908 وكذلك ذكره لعوامل ضعف لم نكن نتصورها نجد انه فقط غاضب من اجل تغيير مسمى الدولة التركية وعدم العمل بمسمي الخلافة لتصبح تركيا جمهورية
وهو كان يريدها رأسا لخلافه لم تعد موجودة من الاصل !!
هو يريد ان يحتفظ بعلامة مرسيدس على "توك توك" ولا يهمه ان مرسيدس لم يعد لها وجود !!
والاغرب انه حتى يومنا هذا تجد العالمين بهذا التاريخ جيدا يعرفون ان الخلافة
بالفعل كانت قد سقطت من قبل وجود هذا الكمال ومع ذلك يحملونه ذنب تغيير اسم تركيا من
دولة الخلافة الى الجمهورية التركية.
نعم قد نختلف مع الفكر الكمالي او توجهاته فيما بعد ولكن يجب ان نراعي ان هذا شأن داخلي خاص به وبشعبه قد نختلف او نتفق معه ولكن هذا لن يغير شيئا في الوضع العالمي الجديد. الوضع الذي الذي تغير تماما بعد الحرب العالمية الاولى والثانية.
والان وبعد كل ذلك هل مازلت مقتنع ان مصطفى كمال هو من هدم الخلافة الاسلامية !!
انشر لتعم الفائد